فالثقافة هي الطاقة الاجتماعية التي تدفع المؤسسة للعمل أو تعجز عن دفعها للعمل، فإغفال موضوع الثقافة والالتفات له وضوح أخر، يؤكد الافتراض مرة أخرى
بأن الوثائق والإستراتيجيات والبيانات الرسمية ونظم الحوافز
لتوجيه السلوك البشري في الفهم المشترك والافتراضات الخفية والقوانين غير المكتوبة.
إن ثقافة المؤسسة في مرتبة استراتيجيتها العامة أو هيكلها التنظيمي، فهي
تؤثر على السلوك والأداء اليومي للقوى العاملة، حيث تضع الأساس لفهم مواقف الأفراد
وتحفيزهم وإدراكهم، وتعمل على مساعدة المؤسسة في التعامل مع الضغوطات الداخلية
والخارجية التي تتعرض لها.
- ثقافة المؤسسة:
لقد ظهرت خلال فترة الثمانينات مصطلحات جديدة متعلقة بالمؤسسة، كالمرونة،
الجودة الشاملة، ثقافة المؤسسة، بالرغم من صعوبة المصطلح الأخير، وتعدد تعاريفه ضل
ذا جاذبية خاصة لما يعتقد في قدرته تسهيل التغيير والتجديد التنظيمي
يعرّف E.B.Taylor الثقافة على أنها
ذلك الكل المركب الذي يضم المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والقانون والتقاليد،
وجميع المقومات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو في مجتمع معين.
ولقد سار على منهج تايلور عدد من الباحثين الذين سجلت تعريفاتهم
للثقافة الجوانب المعنوية، والجوانب المادية
ويدعم هذا المعنى Khuckhohm بتعريفه "أن الثقافة طريقة التفكير والشعور والعقيدة، وهي
عبارة عن مجموعة المعارف التي حصلت عليها الجماعة واختزنتها في ذاكرة أفرادها
وكتبهم وأشياءهم لكي تستخدم في المستقبل، وأنه لكي نلم بها وندرس إنتاج هذا النشاط
الذي يتضمن السلوك العلني والأحاديث والرموز والنتائج الملموسة التي تصدر عن كل
هذا، والتي تتمثل في أشياء مادية مثل الأدوات والعمارات وغيرها.
ويعرفها أوشي بأنها " تتألف من مجموعة الرموز والطقوس
والأساطير التي تنتقل من خلالها القيم والمعتقدات التنظيمية إلى العاملين في
المؤسسة، ويكون إيمان موظيفها بهذه المعتقدات أيمانا كاملا "
ويعرفها Schein بأنها
" نمط الافتراضات الأساسية المشتركة بين الجماعة وتتعلم من خلالها الجماهير
حل المشاكل الداخلية والتكيّف الخارجي، ويتم تلقينها للأعضاء الجدد باعتبارها
الأسلوب السليم للإدراك والتفكير والشعور في التغلب على تلك المشاكل ".
إن موضوع اهتمامنا في دراستنا هذه هو أن الثقافة مفهوم معنوي يرتبط بالسلوك
ويضع أصوله وقواعده ويوجهه، وفي هذا يعرفها العديلي على أنها " القيم
السائدة في المؤسسة والذي يتضح من خلال الإنتاج الثقافي لأعضائها والذي يتمثل في
الحكايات والأساطير والعادات الموجودة في المؤسسة
ويعرفها أوشي بأنها " القيم التي تأخذ بها إدارة المؤسسة والتي
تحدد نمط النشاط والإجراء والسلوك السائد فالمفكرون يغرسون ذلك النمط الفكري في
الموظفين من خلال تصرفاتهم، كما تتسرب هذه الأفكار إلى الأجيال اللاحقة من العملين
"
نجد Boseman يعرفها على أنها
" نظام يتكون من مجموعة من العناصر أو القوى التي لها تأثير شديد على سلوك
الأفراد داخل المؤسسة، فثقافة المؤسسة هي المحصلة الكلية للكيفية التي يفكر ويعمل
بها الأفراد كأعضاء عاملين بالمؤسسة ".
إن
ثقافة المؤسسة تشير إلى مجموعة القيم والرموز والمثل العليا، والمعتقدات
والافتراضات الموجهة والمشّكلة للإدراك والتقدير والسلوك والمساعدة على التعامل في
مختلف الظواهر والمتغيرات، فهي تمثل روح المؤسسة والبعد الخفي الذي يشكل الطابع
المميز لشخصيتها.