بيع الصفقة


بيع الصفقة حق للشريك الذي يريد البيع، يقضي له به إذا طلبه لينتفي عنه الضرر اللاحق بنقص ثمن حصته اذا بيعت مفردة 


فان لم يطلب هذا الحق سقط فلا صفقة 1 ويعرف كذلك بانه بيع الشركاء جميع 

الشيء المشترك على الشياع ان اتحد مدخل كل الشركاء فيه كان هذا المدخل بعوض كالشراء ام بغير عوض كالارث او الهبة 

او الصدقة، اوبيع احدهم البعض منه فقط متى اتحد مدخل بعض الشركاء في جميع المشترك يكون في بعضه 

فقط، لقول صاحب العمل: فانما الصفقة بيع المشترك من كل او بعض جميع ما ملك 


المطلب الأول: شروط بيع الصفقة وآثارها


الفقرة الاولى: شروط الصفقة


لقد اختلفت الاراء الفقهية حول شروط بيع الصفقة اذ قيل انها تسعة إلا ان ما جرى به العمل عند المتأخرين اربعة 

وحددهم العلامة سيدي ابي الشفاء بن الحسن الغازي الشهير بالصنهاجي في حاشيته على الشيخ التاودي شارح لامية الزقاق، فقال

شروط بيع الصفقـة يا قار اربعة بها القضــــاء جار ،

وحدة مدخل ونقص حصته ان جردت في بيعها عن جملته،

وعدم تبعيض قل وان لا يلتزم الشريـــك نقصا حلا 


1 العقار غير المحفظ و المعاملات دراسة في ضوء الفقه و القضاء محمد بن احمد بونبات .

أ‌- اتحاد المدخل

يعتبر هذا الشرط شرط صحة بيع الصفقة اذا اختل فلا صفقة والمقصود به هو السبب القانوني المؤدي الى التملك على الشياع .

ويجبان يكون الاتحاد في :

الزمان: اي يتملكوا دفعة واحدة وفي زمن واحد .

سبب التملك: اي ان يكون سبب تملكهم واحد اي بعوض او بغير عوض

في الشخص: ان يكون الشخص الذي تلقوا عنه جميعا الحق المشترك واحدا لا متعدد

ومن هنا ثتار اشكالية الشركاء الاصلين والشركاء الدخلاء لان اختلاف الشركاء واختلاف اسباب تملكهم مرتبة ونوعا لا يمنع من 

التصرف ببيع الصفقة ان وقع من الشركاء الاصليين على الشركاء الدخلاء، والعكس غير صحيح وذلك لقول المنظومة ما يلي :

يجبر دخيل للأصيل ولا يجبر الاصيل للدخيل .

ومن الامثلة الواردة لك على هذا الشرط بيع وارث على مشتر بالرغم من حصول الضرر والذي يبطل بيع الصفقة . فلا يبيع وارث ومشتري هذا على هذا و لو لضرر 

ب‌- نقص ثمن الحصة مفردة 

كما يشترط لبيع الصفقة ان ينتقص ثمن حصة مريد البيع اذا بيعت مفردة عن ثمنها في بيع جميع المشترك .

وأشار الى هذا الشرط الشيخ خليل حيث قال:"واجبر للبيع ان نقصت حصة شريكه مفردة"

والمقصود بنقص الحصة ان تقل قيمة المبيع، فتتدنى من جرائه القيمة الاقتصادية للشيء، مما يؤدي الى خسارة أو الغبن 

للطرف البائع ورخص بيع الصفقة رفعا للضرر، اما اذا لم يتوفر هذا الشرط فلا يجوز الاخد ببيع الصفقة .

ت‌- عدم التزام الشريك بأداء نقص الثمن:

يشترط ان لا يلتزم الشريك الذي لا يريد بيع الصفقة بأداء النقص لشريكه مريد البيع واشار الزرقاني لهذا الشرط اذ قال :

" الا ان يلتزم لمريده أداء نقص حصته بعد بيعها مفردة فلا يجبر"

اما اذا لم يؤد الفرق فيحق لمريد البيع ان يتم بيع الصفقة .

ث‌- عدم التبعيض الحصة :

ان الغاية من بيع الصفقة هو عدم الاضرار بالشريك المضطر على بيع حصته مفردة من جراء بخس الثمن، ومن أجل نفس الغاية 

تقتضي تقييد حق الشريك مريد البيع بعدم تبعيض حصته فإما يبيعها جملة واحدة ويبيع باقي المال المشترك صفقة اي اجمالا، او بيع حصته او جزءا منها حسب الافتراضين:


الافتراض الأول: ان باع حصته لشريك او بعض شركائه اعتبر البيع عندئذ بيع تبعيض ولا صفقة معها وليس للبائع ان يصفق على بعض الشركاء دون البعض.

الافتراض الثاني: ويندرج في حكم بيع التبعيض بيع الشريك بعض حصته لاجنبي، فان احتاج الى بيع الباقي، واراد ان يصفق  على شركائه لكان مسعاه غير مقبول لان حقه سقط فلا صفقة بسبب التبعيض. 



الفقرة الثانية : آثار بيع الصفقة 

اذا استكمل بيع الصفقة شروطه المذكورة انفا وعمد احد الشركاء على بيع كل المال المشترك على سبيل الصفقة جاز له 

ذلك دون تقاض وحينئد يخير شركائه بين امرين اما امضاء البيع للمشتري وضم الصفقة لانفسهم .


أ‌- امضاء الصفقة :

يفهم من امضاء الصفقة هو اجازة الشركاء عقد البيع المقام من طرف شركائهم ببيع كل المال المشترك للمشتري في مقابل  أخذهم لمنابهم من الثمن الذي وقع به البيع، وقد جرى العمل بجواز بعض الاشياء قبل امضاء الصفقة منها: 


-انه جائز لغير البائع من باقي الشركاء ان يأخذ اكثر من حظه ليمضي له البيع .

- يجوز للمشتري ان يدفع بعض الثمن لبعض الشركاء قصد تمام الصفقة بامضائهم جميعا لقول صاحب العمل الفاسي وجاز ان يدفع بعض الثمن *** قبل كمالها لبعض فاعتن 


وان امضى الشركاء بيع الصفقة للمشتري ولم يضموا وجب على المشتري أداء كل ثمن المبيع للشركاء والبائع.


ب‌- ضم الصفقة: 

إذا لم يعرب الشركاء عن امضاء لبيع الصفقة للمشتري فانهم يضمون جميع المبيع لانفسهم ويؤدوا للبائع ثمن حصته وكما يجوز  القيام ببعض 



ان الشركاء في حالة الضم يلزمهم اداء زيادة للمشتري مع اداء ثمن المبيع اذا ضم بقية الشركاء المبيع لانفسهم يجب عليهم اداء ثمن حصة البائع فقط زيادة على المصاريف التي ساهمت في وصول المشتري للمبيع كالنفقةالتي اداها للبائع قصد العمل لدى الشركاء للحصول على الامضاء لبيع الصفقة.

1- اجل ضم الصفقة:

كما سقنا سابقا فبقية الشركاء الواقع عليهم بيع الصفقة مخيرون بين إمضاء الصفقة او ضمها ،لكن هذا الاختيار يجب ان يمارس داخل اجل محدد يبتدئ من تاريخ علمهم 

بالبيع فإذا سكتوا عن ممارسة هذا الحق بطل في حقهم و لا يبقى لهم سوى امضاء البيع للمشتري.

وفي حالة عدم علمهم بالبيع او علموا به لكن حال بينهم عذر من الاعذار كان هو السبب في تركهم ممارسة حق الضم داخل الاجل فهم يخيرون بين الامضاء والضم ولو طالت المدة شريطة يمينهم على نفي علمهم بالبيع ويقع على المشتري اثبات علمهم بالبيع،

 اما بالنسبة لأجل السكوت الذي يبطل حق الضم في الصفقة عند انصرامه فقد عرف اختلافا فقهيا:

- فصاحب العمل الفاسي يقول انه ثلاث اعوام .
- وهذا مختار ابن سهل يقول عامان اثنان. 
- وقيل عام واحد لابن رشد 
- وقال ابن عمر الاشبيلي شهران اثنان ونحوهما 

لكن ما استقر عليه العمل من قبل القضاء المغربي هوالأخذ بأجل ثلاث أعوام لقول صاحب العمل الفاسي :

وإلزام البيع و لا كلاما ان علموا و سكتوا أعواما 

وقوله أعواما بالجمع اي ثلاثة أعوام حيث ان اقل الجمع ثلاثة على الأصح وليس اثنين . 


2- الصفقة على الغائب و المحجور 

قد يمكن ان يكون احد الشركاء غائبا او محجورا وبالتالي من هي الجهة المخول لها إمضاء او ضم الصفقة بدلا عنهما: 

- الغائب :
فمثلا اذا كان الغائب شخصا واحد ويملك حصة في عقار مشترك على الشياع بينه وبين ثلاثة أشخاص آخرين حاضرين ورثوه جميعا من والدهم المتوفى وكانت غيبته بعيدة او متوسطة 

وباع احد الأشخاص الحاضرين العقار المشترك صفقة، فالمعمول به هو ان القاضي هو الذي يتولى أمر الغائب فيمضي عليه الصفقة سواء كان للغائب مال يضم به الصفقة أم لا أو كان إمضاء البيع أحسن له أم الضم، ولا يعتد بقدومه من غيبته حتى ولو كان هذا القدوم قريبا من الإمضاء .

وان ضم الشركاء المبيع فله الحق في مشاركتهم ان قدم من غيبته كما ان القاضي الذي تولى امضاء الصفقة عنه يمكن له ايضا ان يضمها لفائدته. 

- المحجور:

اذا كان من الشركاء الذين وقع عليهم بيع الصفقة محجورا عليه وكان له ولي من اب او وصي او مقدم، حيث ان كان له اب فهو الذي يتولى امضاء الصفقة عليه او ضمها لفائدة ولده

واذا كان المحجور له وصي او مقدم فلا يمضي عليه البيع او يضم له الا باذن من القاضي المكلف بشؤون المحاجير،


وبالتالي فبيع الصفقة كما يجري على الحاضر المالك فهو يسري على كل من الغائب والمحجور أما بالنسبة لهذا الاخير في حالة الامضاء فيشترط الشيخ ميارة مراعاة ثلاثة شروط 

- ان لا يكون له مال يضم به 
- ان لا مصلحة له في الضم ولو كان له مال يضم به 
- وان كان له مال ومصلحته الضم يتعين الضم لفائدته لا الإمضاء وهذا كله من اجل مصلحة المحجور عليه وعدم ضياع حقوقه.

ج‌- آثار الإمضاء والضم في بيع الصفقة :

يترتب على ممارسة بيع الصفقة سواء امضائها او ضمها أثار تتمثل فيها ما يلي:

1 – حكم غلة المبيع:

الغلة في بيع الصفقة التي أنتجت بالمبيع من يوم البيع الى يوم الامضاء او الضم تكون للمشتري شريطة امضاء بقية الشركاء له عقد البيع وليس له اي نصيب فيها و لو لم يمضي له واحد من الشركاء حيت ان كمال الصفقة يقتضي امضاء الكل وفي حالة الضم فان الغلة تكون لمن ضم الصفقة. 

2-هلاك المبيع:

اذا هلك مبيع الصفقة في الفترة الممتدة ما بين يوم المبيع وبين مطالبة الشركاء المشتري بالضم او الامضاء فان الضمان في ذلك يجري على الحكم في الغلة تكريسا لقاعدة "الخراج بالضمان" 

والخراج معناه الغلة اي من يكون له الخراج يكون منه الضمان وهو معنى قولهم "من له النماء فعليه التوى" والنماء معناه الزيادة والتوى بالتاء معناه الهلاك اي من له الزيادة والثراء فعليه ضمان الهلاك وبالتالي فالمشتري هنا هو الضامن لان الخراج يكون من نصيبه.

2-العهدة في بيع الصفقة :

ويقصد بها ضمان العيب والاستحقاق فإذا باع احد الشركاء المال المشاع صفقة ثم ظهر ان هذا المال معيب فعلى من يرجع المشتري الذي امضى الصفقة او الشريك الذي ضمها .

إذا أمضى الشركاء الصفقة مع المشتري ثم ظهر العيب فللمشتري الحق في الرجوع على الشركاء في حدود حصصهم أما إذا ضم الشريك الصفقة ثم ظهر فيه عيب فان من ضم الصفقة له الرجوع على صاحب الحصة.


3- بيع الشيء المضموم :

إذا ضم الشريك مبيع الصفقة فيجوز له بيع ما ضمه فورا بخلاف الشفعة فان الشفيع لا يجوز له بيع المشفوع في مدة تقل عن سنة اشهر ابتداء من يوم الاستشفاع حيث جاء في العمل الفاسي ثم اذا ضم الصفقة من ضمها وتم ملكه لها فله ان يبيع ذلك ولو بالقرب. 

المطلب الثاني: علاقة الشفعة بيع الصفقة:

يتداخل بيع الصفقة إلى حد كبير مع حق الشفعة الشيء الذي أدى بفقهاء المذهب المالكي إلى جعل مسائل الشفعة وأحكامها تجري في باب الصفقة لكونها متأخرة عنها ومقيسة عليها (الفقرة الأولى) غير أن بيع الصفقة يختلف عن الشفعة في العديد من المسائل (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: أوجه التشابه بين الشفعة وبيع الصفقة: 

إن بيع الصفقة يشبه الشفعة من عدة نواحي، من أهمها:

- الشفقة نظام مصدره الرئيسي مستمد من الشريفة الاسلامية، ومفاد ذلك أنه يجب الرجوع في معرفة تفاصيل وجزئيات أحكام الشفعة التي لم يرد بشأنها نص خاص في القانون خاصة الراجح والمشهور وما جرى به العمل من مذهب الإمام مالكن ونفس الأمر يتعلق ببيع الصفقة، 

إذ أن المرجع الأساسي والأصيل لأحكامه هو المذهب المالكي، غير أنه على عكس حق الشفعة فإن. ح ع أغفلت تنظيم الصفقة رغم التعامل به.

- بيع الصفقة من حيث نطاقه كالشفعة يمكن أن ينصب على المنقول والعقار والصفقة على قول الفقهاء تجري في العقار وغيره من الحيوان والعروض

- لا يجوز التبعيض في كل من الشفعة والصفقة.

- يعمل بمراتب الشفعاء في الشفعة والصفقة بحيث يقدم الشريك في المهم ويصطلح عليه الفقهاء بالشريك الأخص ثم يليه ذو الفروض اي الشريك في الميراث ويسمى الشريك الخاص ثم الموصى لهم –الشريك العام- ثم الأجانب وهو الشريك الأعم.

- حق الشفعة لا يسقط بموت الشفيع وإنما ينتقل هذا الحق إلى ورثته بنفس الشروط بما في ذلك ما بقي من أجل للأخذ بها وكذلك حق ...... في بيع الصفقة ينتقل بموت الشريك لورثته من بعده ليمارسوه فيما تبقى من أجل.

الفقرة الثانية: أوجه الاختلاف.

على الرغم أنه قد يتبين للوهلة الأولى أن الشفعة وبيع الصفقة تلتقيان في كثير من الأمور إلا أن كلا منها تختلف عن الأخرى وتتميز عنها بمجموعة من العناصر التي تجعل منها نظاما قانونيا مختلفا، وتتجلى عناصر الاختلاف هذه في ما يلي:

1- شرع بيع الصفقة لرفع ضرر نقص ثمن حصة الشريك إذا بيعت منفردة، بخلاف الشفعة التي رخصت لرفع ضرر الشركة.

2- لا يمنع ممارسة حق الشفقة كون مصادر ملكية الشركاء بائعين أم شفعاء، مختلفة أو تستند إلى رسوم متباينة، لكن في بيع الصفقة يجب أن يكون جميع الشركاء تملكوا الشيء المشترك دفعة واحدة من شخص واحد وفي زمن واحد إما بالشركاء أو بالارث، وما إلى ذلك من أسباب التملك وهو شرط: اتحاد المدخل الذي يعد جوهريا لتحقق بيع الصفقة.

3- يحق للشفيع أن يمارس حق الشفعة أو يتخلى عنه، وأن يبقى متحفظا بحصة الأصلية، ولا يحق لصاحب حق الضم في بيع الصفقة إلا أن يمارسه ويؤدي ثمن المبيع وملحقاته، أو يتخلى عنه، فيفقد حصته الأصلية، وينقلب إلى دائن بثمن حصته تجاه الشاري صفقة.

4- يمكن ممارسة الشفعة سواء كان المشتري أجنبيا أو شريكا آخر، ولا يمارس حق الضم في بيع الصفقة إلا إذا كان الشاري أجنبيا على الشركة.

5- إذا لم يبلغ المشتري الشركاء ولم يعلموا بالبيع، فإن حق الشفعة في العقار المحفظ يسقط بمرور سنة من تاريخ القييد بالرسم العقاري، وبمرور أربع سنوات من تاريخ إبرام العقد إذا كان العقار غير محفظ، أما أجل ممارسة حق الضم، في حالة عدم حضور الشركاء مجلس العقد وهو ثلاث سنوات من تاريخ اطلاعهم على البيع.

6- العهدة وهي ضمان العيب والاستحقاق لا تكون على المشتري في حالة الضم في الصفقة وإنما تكون على البائع بخلاف الشفعة فإنها تكون على المشتري الذي وقعت ممارسة الشفعة ضده، وبالتالي ففي دعوى الشفعة فإن الشفيع هو المدعي بينما يكون المدعى عليه هو المشتري أما البائع فليس هناك ما يلزم إدخاله كطرف رئيسي في الدعوى.

آخر الأخبار